الجمعة، 24 مارس 2017

بائعة الخبز بقلم ناهد الغزالي


بائعة الخبز 1
 كل فجر تغادر "ابتسام" بيتها المتواضع حاملة سلة الخبز لتبيعه للمارة... هاهي جالسة كعادتها تحت سنديانة، قرب الرصيف كي تحتمي من أشعة الشمس...وتريح ظهرها من آلام الوقوف لعدة ساعات...تقدمت نحوها سيدة نزلت لتوها من سيارة فخمة...رفعت الغطاء عن السلة... تفحصت الخبز جيدا..."بكم الخبزة؟"
أجابتها بعفوية" خمسمائة مليم يا سيدتي"
اشترت خبزتين...وضعتهما في كيس بلاستيكي...
 مشت خطوتين ثم رجعت نحو الفتاة..."ما رأيك أن تشتغلي في منزلي وتودعين الأرصفة وأشعة الصيف الحارقة؟"
خفق قلبها فرحا... "ماذا سأشتغل يا سيدتي؟" فأنا لازلت طالبة..."
"معينة منزلية...منذ لمحتك أردت انقاذك من هذا العذاب..." 
 تغيرت ملامح ابتسام... أحست بألم نفسي...ولم تتفوه بكلمة...اختنقت بعبراتها... حملت قفة الخبز وهمت بالرجوع إلى بيتها... كان صدى صوت تلك السيدة يجلدها قهرا وحسرة... لم تنتبه للمارة...لم يلفت انتباهها صخب الباعة المتجولين... ولا هتاف الأطفال... مرت قرب المسجد... اصطدمت بشاب خارج من الصلاة فتبعثرت القفة... اعتذرت منه... فتقدم نحوها بهدوء... جمع الخبز المتناثر واشتراه كله... 
 ناهد الغزالي/تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.