الأربعاء، 1 يونيو 2016

ثقب الإبرة ...قصة بقلم ___الشاعرة نونا محمد____

وبهدوءٍ طوت أطراف سجادة الصلاة ،، 
هناك خيوط تالفة في أطرافها لابد انه ذاك المسمار الغبي البارز بتحدي من مقعدي المتهالك 
في زاوية حجرتي المتفانية قدماً سأحضر إبرتي وأخيط ذاك التلف قبل ان يتفشى كوباءٍ 
في بقية السجاد ولكن أين هي " أمل" لتدخل الخيط كعادتها في ثقب الإبرة
فذاك تحدي لعينايا لستُ بقادرةٍ عليه ،، لابد أنها ذهبت لجامعتها مبكرة تحشر لقمة خبز بجبنٍ
في فمها الصغير وكوب قهوتها في يدها وتهرع للخارج كطيرٍ بأجنحتها لتجلس برقةٍ بجانب أخيها
كم أعشقهما ،، 
ولكن من سيدخل هذا الخيط اللئيم بثقب تلك الإبرة ؟؟ 
كل تلك الأفكار كانت تسبح في عقلها وهي تحتضن دفء حبات مسبحتها المهترئة كهي ،،! 
ومضت بها تأملاتها الصامته ،، لأيامٍ غدت حطاماً في قاع ذكرياتها لذاك اليوم البعيد 
كانت تقف هاهنا في هذه الحجرة تمسك ورقة صفراء تقرأها ولا تعي أحرفها ،،
هي خاتمة مآساتها معه ذاك الذي اتى به قدرها لباب دنياها ليكن مرسوم وفاتها على يديه ! 
وتسللت من بين شفتيها تنهيدة وجع ،، آهٍ منها تلك المفاصل كم هي تؤلمها لابد أن تجرب أعشاب
جارتها / أم أحمد ،، هي تمدح تلك الخلطة وأخبرتها بأن جارتهم / أم قنديل قد إستخدمتها لزوجها ،،
زوجها ،،؟؟؟ لما هذه الكلمة تخنقها ؟؟ لما تكره لفظ أحرفها ؟؟ لما تراه هو الآن أمامها بهيئته تلك التي لطالما
إقشعرت منها أطراف قلبها ،، 
فلتأخذيهما فأنا لااريد شيئاً يذكرني حتى برائحتك فهما منكِ وأنتِ لستِ مني ،، سأشتري حريتي من قبح 
وجهك ولتذهبي بسوادك لدربٍ يأخذك أنتِ وهما ،،، أنتِ طالق !!!
أين تلك النظارة كيف ستقرأ طريقة عمل عجينة الخبز التي أعطتها لها / أمل ،، هي لم تعد ترى الحروف كما 
كانت سابقاً ،، لابد أن تطلب من / محمد ،، إصلاح إطار نظارتها فهي تقع من على وجهها كلما تضعها 
على ،،،، !! فجأه صمتت فقد تذكرت بأنها تضع تلك النظارة النحيسة على قمة رأسها عندما أنتهت من الصلاة 
كم باتت ذاكرتها ضعيفه ،، الم يخبرها الطبيب بأن تشوش أفكارها والصداع الذي يصاحبها كساعات يومها 
هو بسبب إصابة رأسها عندما كانت طفلة ،، لااريد تذكر ماحدث !! ولكن عقلها آبى أن يصمت ،،، قاعة الدرس 
بجدرانها الباردة كبرودة أطراف مقعدها الصغير الجاثم على صدرها وهي ملقاة على الأرض كجثةٍ هامدة 
والدماء تتفجر من شقٍ في رأسها لقد سقطت جدران قصرها الشاحب بفعل حريق قضى على بقية يتمٍ سكن
أضلعها ،،، 
نعم هي تتذكر قديم أيامها بطفولتها اليتيمة ووحدة سنين عمرها ،، هي لاتعلم شيئاً عن ماضيها سوى أن هذا 
الملجأ هو قصرها الذهبي وأن أمها هي كل إمرأة توالت على الدار كمربية تعمل على تربيتهم ،، وهل هي تربت 
حقيقة،، ؟؟ وتذكرت كيف تلقفتها الأيادي ذاك يحنوا وذاك يداعب برائتها وهي بصمتٍ فقط تنظر !!
وشهقت بزفرةٍ حارة وبصمت سنين عمرها الخمسين قامت من الأرض وذهبت لدولاب ملابسها 
وفي زاويةٍ مظلمة في ركنٍ قصي بداخله اخرجت صندوقاً ذهب لونه من قدمٍ إعتراه ،،
وجلست بهدوءٍ على مقعدها بجانب نافذتها تلك النافذة التي تظل واقفة بالساعات أمامها حتى ترى عربة إبنها
تقف بجانب رصيف البناية وتهبط / أمل روحها ،، منها فتحمد الله هامسة بشكره لعودتهما بالسلامة ،،
وأمسكت بغطاء ذاك الصندوق ورفعته بصمت لتعبق من داخله روائح ماضٍ لازالت تفاصيله محفورة بأعماقها
واخرجت صوراً قديمة لونها باهت كأيامها ولمحت عينين سوداوين تنظر لها ببرائة طفولتها وجديلتين تغرقان في ظلامٍ
حالك ،، لذلك أسماها بالسوداء !! فقد كان كلما يراها أمام المرآة تمشط خصلات شعرها المنسدل كشلالٍ على ظهرها 
تعتريه عصبية مجنونة ويهتف بها صارخاً : كل شيء فيك أسود حتى عينيك وقلبك ،، فلتغطي ذاك السواد فأنا أكره 
الظلام الذي يحيطك !!
لما تزوجتني ؟؟ كم من مرة ألقت بتساؤلها ذاك في وجهه ،، لما تظاهرت بأنك المنقذ ليتمي ووحدتي وضياعي وانك 
ستحنوا علي أكثر من امي التي لم أعرفها ،، !! وتصلها إجابته حتى من قبل أن ينطق بها كان يريد خادمه فهو 
لايملك سوى فقره وإدمانه وفرشة تئن من عفونةٍ تتآكلها ،،، الحمدالله قالت قدر الله وماشاء فعل ،،
ونظرت لبقية الصور هاهي مع أخواتها في الملجأ فهن كن عائلة واحدة بمختلف أشكالهن وألوانهن فهن في النهاية
" لقيطات " كم تشعر بمرارة هذه الكلمة كم تتنشقُ لحضن إبنتها الدافئ فهي أمها وأختها وحبيبتها وإبنتها 
كم هي تشبهها بسواد شعرها وعيناها وخمرية بشرتها حتى شامتها تلك الموسومة على ذقنها حملتها جينات
لإبنتها كم كان يكره هو تلك الشامة ،،، ورفعت ببصرها للمرآة أمامها ولامست برقةٍ بشرتها هي خمرية كلون القمح
حتى تلك الخصلات البيضاء الخفيفه لم تُخفي سواد شعرها هو لازال ينسدل بغجريةٍ على ظهرها 
وبحنانٍ تمسح باصابعها عليه وتتخلل مابين خصلاته كم تعشقها وكم كان هو لايحبها ،، حتى انها كرهت ملامحها
بسببه ،،، لم يحنوا عليها يوماً حتى إسمها لم يكن ينطقه كان يكتفي بالصراخ بصوته المشروخ من إرتعاشة إدمانه،،
ياأنتِ ،، وعندما تجرأت وقالت له فلتنادني / بحواء فهو إسمي ،، كان جوابه لطمة أخرستها اياماً من شدتها ،،
ورضيت بأن تكن فقط ،، يااااأنتِ !! قال تعالى {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) الضحى} 
وتسربت من بين ظلالها عبرات آسى تحكي اوجاع السنين ،، تذكرت عندما أخبرها ذاك الشيخ الطيب الذي آواها مابين كنفه عندما رآها وهي راقدة في المستشفى بعد عملية عاجلة لرأسهاإثر حادثة الحريق،، فحزن عليها وأخذها مرافقة لإبنته العليلة ،،كم كانت سعيده حتى بقسوة زوجته وإصرارها على مناداتها بالخادمة ،، تذكر ذاك اليوم عندما آتاها مبشراً : سعيد يريدك زوجة ياابنتي وهو نعم الزوج لك بإذن الله !! تذكرت كم بكت وكم تلك الشمطاء زوجته ضحكت ،، ولم يكن له ذاك السعيد من سعادةٍ سوى إسمه ،، ومن على عتبةِ بابِ بيتهِ خلعت رداء عذريتها لترتدي ثوباً جديداً من قسوةِ اليتم ،، أفنت شبابها تحت أرجل النصيب والمكتوب على الجبين وكان قدراً والحمدالله ،،
لكنها ذكرت نفسها بأن رسول البرية الهادي الأمين عليه أفضل الصلاة والسلام كان يتيماً ولاقى مالاقاه من أذى قريش وعمه وزوجته ،، فهدأت نفسها وهمست ثانية : الحمدالله ،، ورددت برعشة وجعها ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحمو من في الأرض يرحمكم من في السماء" صدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام . 
وفجأة تعالى صوت الهاتف ،،/ ألو ،، ماما حبيبتي حاتغدى عند صديقتي مها علشان نجهز بحث التخرج ومحمد 
عنده عمل معليش حتتغدى وحدك اليوم ،، أسفه بحبك سلام !! أنقذتني من عمل الخبز الذي تريده وسأكمل نومي 
اليوم واغلقت صندوقها واعادته لمكانه الأمين واغلقت الدولاب ،، ومضت ببطأ للسرير ،، وببطء وضعت رأسها المتعب
على وسادتها وفجأة فتحت أعينها صارخة ،، : ولكن من سيدخل ذاك الخيط اللئيم بثقب تلك الإبرة ؟؟ 
،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.